
الرباط يومه الإثنين 26 فبراير 2024
من المغالطات المنطقية التي يرتكبها العديد منا في تحليلهم السياسي للشان العام ببلادنا، تلك التي تتعلق بشخصنة المسؤوليات. يمكننا في هذا المجال أن نلاحظ و نرصد (و نستغرب) حجم شخصنة الأزمات الاقتصادية و الاجتماعية، و باقي الويلات التي ترهق كاهل المواطن المغربي المتعوس، الخنوع و المغلوب على أمره ( كما أراد لنفسه على الاقل لأن العبد لا عذر له). شخصنة الازمة في اختصارها في عدم كفائة مسؤول كبير في الحكومة أيا كان، يعد نوعا من أنواع التبسيط الساذج الذي لا يساعد على الفهم إطلاقا.
في هذا المضمار، دأب بعض أشباه المثقفين عندنا على انتقاذ بعض المسؤولين البارزين ضمن النخبة السياسية الحاكمة، يصبون جام غضبم عليهم بلا هوادة، ناسين أن الأزمات وليدة منظومة جعلت الفساد قائما بذاته، و ركنا من أركان الحكامة و تدبير الشأن العام. الفساد مهيكل و محرك جوهري لإقتصادنا، إذا سلمنا أن لدينا اقتصاد أصلا حين نعرف أن السائد عندنا هو منطق الريع الذي يقوم على اساس منح الامتيازات و الخدمات و فرص العمل لصالح فئة معينة، من دون مراعاة أي اختبارات تهم الكفائة الاقتصادية.
من المؤسف أن تستمر لعبة التحامل على فلان أو علان في دائرة أي حكومة، التي هي بدورها تخدم في آخر المطاف الأهداف الغير المعلنة للدولة. ما هكذا ترصد و تفهم (بضم التاء) الميكانيزمات المتحكمة في اقتصاد بلادنا، التابع و الخاضع لهيمنة أقلية ريعية تجمع بين المال و السلطة. ولها امتداداتها و ما يربطها بقوى خارجية.
لعبة كبش الضحية لا يجب أن تطال فئات عريضة من المتعلمين. كونها لا ترقى الى أبسط قواعد الفطنة و الحكمة. استقرار الاوضاع على ما هي عليه و اللجوء الى التضحية بأشخاص إذا دعت الضرورة إلى ذلك، هذه أصبحت مسخرة مضحكة، رغم أن هناك من لا زال غارقا في سباته، وفي ما يشبه ذلك المكر الفكري الذي يتسم به كثير من الثرثارين حين يتحدثون عن تدبير و تسيير الشأن العام. كما أكد باحث مغربي مرموق، شخصنة الفساد ببلادنا لا تساعد على محاربته، بل تبقى جزء من الأزمة نفسها.
الشريف م عبد الجليل