مجتمع

بائعة الخبز…

الصورة من الأرشيف

بائعة الخبز

هناك بعض الصور الفوتوغرافية التي قد ترقى الى مستوى اللوحات الفنية، وتذكرنا بأن فن التصوير نمط من الإدراك يجعلنا نرصد الواقع بنظرة خاصة، لا تصرفنا عن هذا الواقع بالضرورة، و تسمح لنا في نفس الوقت بتذوق الاشياء بشكل شاعري و مكثف. الصورة الفنية تجعلنا نرى ما وراء و أعمق من السطح، لكي نلتقط بعض الصفات والأسرار الدفينة للاشياء. و هل هناك اصلا واقعا بدون نظرة خاصة تسمح برصده ، بالنظر إليه و بكشف كنهه؟

أقترح عليكم في هذا الإطار صورة أشبه باللوحة الفنية، لبائعة للخبز، تبتسم للدنيا ولسان حالها يقول للفقر و للحزن : “لن تهزمني الصدمات فأنا كلي إبتسامة و حياة”. و نحن بصدد الحديث عن بائعات الخبز، كيف لنا أن ننسى الرواية الشهيرة (بائعة الخبز) للكاتب الفرنسي “كزافيه دو منتبان” التي ترجمت لعدة لغات، منها العربية، و اقتبست في المسرح و السينما و التلفزيون. وكيف لنا ألا نستحضر أيضا اول مسلسل تلفزيوني في تاريخ الدراما المغربية “بائعة الخبز”، من اخراج محمد حسن الجندي إبان ظهور التلفزة المغربية. كنا، ونحن أطفال، ننتظر و نتابع بشغف كبير هذا المسلسل الذي أبكى العديد منا.

إنها صورة قد تبدو عادية (الصورة المرفقة)، لكنها تحيلنا على مرحلة من طفولتنا كانت تتسم بالهشاشة الاجتماعية، و بالتعاطف مع شرائح المجتمع الفقيرة، منها بائعات الخبز التي كانت تحظى بإحترام و اعتبار سكان الحي. ترسخت رواية “بائعة الخبز” في ذاكرتنا و مخيلتنا، برموزها و أبعادها إلى الأبد. و ها هي صورة جميلة لشابة وسيمة تبيع خبزها، و إبتسامة مشرقة تضيء محياها، تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، و تبعث فينا حنينا إلى الزمن الجميل. إبتسامة و خبز، رمزان لحياة تتسم بالقناعة السعيدة التي كنا نعيشها دون أن ندرك عمقها.

عبد الجليل

http://www.salidor.com/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى