
الرباط 08 مارس 2024 الموافق
بقلم السيد خالد ب بن حمو
تعيش المرأة العربية في زمن مليء بالتحديات والتناقضات، حيث تجد نفسها محاصرة بين سندان الشريعة ومطرقة الحداثة. إن القضايا المتعلقة بدور المرأة وحقوقها ومكانتها في المجتمع العربي لطالما كانت محط جدل وتناقض، وهذا يرجع جزئياً إلى التأثير المزدوج الذي يمارسه النظام القانوني والثقافي في المنطقة.
من جانبها، تعتبر الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً للتشريعات والقوانين في العديد من الدول العربية. وعلى الرغم من أنها تمنح المرأة حقوقاً وحماية في مجالات عديدة، إلا أن هناك تفسيرات وتطبيقات محدودة وتحجيم لهذه الحقوق في بعض الأحيان. يمكن أن يتسبب التأويل المحافظ والثقافة البطولية في إقصاء المرأة وتقييدها في أدوار تقليدية محددة، مما يؤثر على تحقيق مبادئ المساواة والعدالة الجدية.
من ناحية أخرى، تأتي مطرقة الحداثة لتدق على أبواب المجتمعات العربية، وتعزز القيم الحديثة والمفاهيم العالمية للحقوق الإنسانية والمساواة. إن حركات النسوية والأفكار التحررية تحاول تحقيق المساواة وتقديم فرص أفضل للمرأة في المجتمع العربي، فضلاً عن السعي لإزالة القيود الثقافية والإجتماعية التي تحول دون تحقيق حقوق المرأة بالكامل.
ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أن هذا الصراع بين الشريعة والحداثة ليس بالأمر الثنائي البسيط. إن تنوع الثقافات والتيارات الدينية في العالم العربي يعني أن هناك تفاوتًا كبيرًا في طريقة تفسير وتطبيق الشريعة والمعايير القانونية. بعض الدول العربية تقدم مزيدًا من المرونة وتوفر فرصًا أكبر للمرأة، في حين تظل بعض الدول الآخرى محافظًة بشكل كبير على القيود التقليدية.
لذا، يبدو أن الحل الأمثل يكمن في تحقيق التوازن بين الموروث الثقافي والتقاليدين الذي يحمي حقوق المرأة ويعزز مبادئ المساواة والعدالة الجدرية. لهذا يجب أن تكون هناك جهود مشتركة بين الحكومات والمجتمع المدني والمؤسسات الدينية لتعزيز وعي المجتمع بحقوق المرأة وتوفير الفرص والمساواة في جميع المجالات، بما في ذلك التعليم والعمل والمشاركة السياسية.
يجب أن يتم التركيز على تمكين المرأة العربية من خلال تعزيز قدراتها وتنمية مهاراتها، وتوفير فرص العمل المناسبة والمساواة في الرواتب وتشجيع المشاركة السياسية والإجتماعية. يجب أن يتم تغيير الأفكار النمطية والتحكم الثقافي الذي يعيق تقدم المرأة، وتعزيز ثقافة الاحترام والمساواة بين الجنسين.
علاوة على ذلك، يجب أن يكون هناك تحسين في نوعية التعليم المقدم للمرأة العربية. ينبغي أن يتم توفير فرص تعليمية عالية الجودة ومتاحة للجميع، بما في ذلك الفتيات والنساء في المناطق الريفية والمجتمعات المحرومة. يجب أن يتم تشجيع التعليم العلمي والتقني وتقديم فرص للنساء للمشاركة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار.
إن تخبط المرأة العربية بين سندان الشريعة ومطرقة الحداثة يجعلها تواجه تحديات كبيرة في سعيها لتحقيق المساواة والعدالة، إلا أنه من خلال المرونة والحوار والتعاون بين مختلف الأطراف المعنية، يمكن تجاوز هذه التحديات وتحقيق تقدم حقيقي في مكانة وحقوق المرأة في المجتمع المغربي خصوصا و العربي عموما.