
بقلم خالد الحكيم
لازالت هذه الفاكهة الشعبية تخلق الحدث عبر العالم،فبعد أن كانت فاكهة الفقراء و في متناولهم،أضحت عند المغاربة فاكهة الأغنياء،حيث مع توالي سنوات الجفاف،و إصابة هذه الشجرة بالأمراض،تعذر على فقراء القوم الوصول إليها،بينما كانت متواجد في ما مضى بوفرة عبر جميع القرى و البوادي بالمملكة المغربية.
اليوم تخرج لنا جامعة الملك خالد بالشقيقة المملكة العربية السعودية،ببحث و حل سحري لأزمة المياه،حيث نجح فريق بحثي سعودي من جامعة الملك خالد في ابتكار تقنية جديدة تعتمد على قشور التين الشوكي لتنقية المياه الملوثة بالمخلفات الصناعية، حيث حصلت الفكرة على براءة اختراع من الهيئة السعودية للملكية الفكرية، في خطوة تعكس اهتمام الجامعات السعودية بالبحث والابتكار ودعم الحلول البيئية المستدامة.
وجاء هذا الإنجاز ثمرة تعاون بين د. فاطمة الزهراني رئيسة الفريق البحثي، ود. بدرية الشهري من الكلية التطبيقية بمحايل عسير، إضافة إلى د. رضا الششتاوي من كلية العلوم بجامعة الملك عبدالعزيز، ما يعكس روح التكامل بين الجامعات السعودية في خدمة قضايا التنمية والبيئة.
الفكرة انطلقت من مبدأ استثمار المخلفات الزراعية المهملة وتحويلها إلى قيمة مضافة، حيث وقع الاختيار على قشور التين الشوكي المتوفرة بكثرة في البيئة المحلية، لتتحول إلى مادة فعّالة في معالجة الملوثات الصناعية والكيميائية.
الدراسة أثبتت قدرة التقنية على إزالة ما يزيد عن 98% من الملوثات الموجودة في المياه، وهو ما يجعلها من الحلول الرائدة في مجال المعالجة البيئية، خصوصًا مع إمكانية إعادة استخدام القشور عدة مرات دون تراجع كبير في كفاءتها.
ويُبرز ذلك الجانب الاقتصادي للتقنية، حيث تجمع بين الكفاءة العالية وقلة التكلفة، بما يتماشى مع توجهات المملكة في تعزيز الابتكار الأخضر وتطوير حلول عملية صديقة للبيئة.
ما يميز الاختراع هو اعتماده على آلية مبتكرة تقوم على تعريض القشور للموجات فوق الصوتية مع المحاليل الكحولية، مما يزيد من مساميتها ويعزز قدرتها على الامتزاز لمختلف أنواع الملوثات.
هذه التقنية لا تقتصر على معالجة المياه الملوثة فحسب، بل تقدم نموذجًا رائدًا في إعادة تدوير المخلفات الزراعية وتحويلها إلى أدوات عملية ذات أثر إيجابي على البيئة والمجتمع.
كما أن اعتمادها على تقنيات غير معقدة يجعلها موفرة للطاقة ويسهل تطبيقها في قطاعات صناعية متعددة، مما يفتح الباب أمام انتشارها على نطاق واسع داخل المملكة وخارجها.
وتتماشى هذه المبادرة مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 التي تشجع على تبني الحلول البيئية المبتكرة وتحقيق الاستدامة في مختلف القطاعات.
التقنية الجديدة تأتي في وقت تتزايد فيه الحاجة العالمية إلى حلول منخفضة التكلفة وفعّالة لمعالجة المياه، خصوصًا مع تحديات ندرة الموارد المائية وتلوثها الناتج عن النشاط الصناعي المتسارع.
الخبراء يرون أن هذه الخطوة تعزز مكانة الجامعات السعودية كمحركات رئيسية للابتكار في مجالات تخدم البيئة والاقتصاد، ما يسهم في رفع تصنيفها العلمي والبحثي عالميًا.
ويؤكد المختصون أن تحويل المخلفات الزراعية إلى مواد مستخدمة في معالجة التلوث يمثل نقلة نوعية في استغلال الموارد الطبيعية ويحد من الأعباء البيئية الناتجة عن تراكم تلك المخلفات.
إلى جانب الجانب البيئي، يمكن أن يكون لهذا الابتكار مردود اقتصادي كبير من خلال تقليل تكاليف معالجة المياه للمصانع، مما يرفع من تنافسيتها ويعزز كفاءة التشغيل.
كما يفتح هذا الإنجاز الباب أمام استثمارات مستقبلية في مجال الصناعات البيئية، حيث يمكن تطوير خطوط إنتاج متخصصة في تصنيع مواد معالجة المياه من قشور التين الشوكي.
ويُتوقع أن يلقى هذا الابتكار اهتمامًا من القطاعات الحكومية والخاصة المهتمة بحلول الاستدامة، خاصة مع توجه المملكة نحو تعزيز الاقتصاد الدائري القائم على إعادة الاستخدام والتدوير.
ولأن التقنية قابلة للتوسع، فإن تطبيقها قد يمتد إلى معالجة أنواع أخرى من الملوثات في قطاعات مختلفة مثل الزراعة والتعدين والبتروكيماويات.
إضافة إلى ذلك، تمثل التجربة السعودية نموذجًا يُحتذى به في المنطقة العربية، حيث يمكن أن تُستنسخ الفكرة في دول تعاني تحديات مشابهة في إدارة المياه والموارد الزراعية.
في المحصلة، يشكل هذا الابتكار إنجازًا وطنيًا يعكس كفاءة الباحثين السعوديين، ويمنح المملكة رصيدًا إضافيًا في مجال الابتكارات البيئية التي تدعم التنمية المستدامة وتخدم الأجيال القادمة.
المصدر:مجلة عائشة+ البوابة السعودية